هل الانفصال العاطفي أكثر صعوبة عند الرجال مقارنة بالنساء؟

الانفصال العاطفي هو تجربة مؤلمة يمكن أن تؤثر على كل من الرجال والنساء، ولكن من الناحية النفسية، قد يختلف تأثيره بين الجنسين بناءً على عدة عوامل اجتماعية وثقافية وشخصية. يمكن القول أن الانفصال العاطفي قد يكون له تأثيرات مختلفة على الرجال مقارنة بالنساء
الانفصال العاطفي هو تجربة صعبة ومؤلمة، حيث يتوقف الطرفان عن تبادل المشاعر والعواطف التي كانت أساس العلاقة العاطفية. في كثير من الأحيان، يكون الانفصال نتيجة لحل نهائي لمشاكل تراكمت بمرور الوقت، سواء بسبب سوء إدارة العلاقة الزوجية بعد الزواج أو بسبب اختلالات معينة في الحياة الزوجية. هذه العوامل تؤدي إلى بناء حواجز كبيرة بين الشريكين، مما يساهم في تدمير العلاقة بالكامل.
جدول المحتويات
الشراكة بين الزوجين التزام إجباري

تشير خبيرة العلاقات الأسرية نادين السعدي في حديثها إلى أن الانفصال العاطفي يحدث عندما يتوقف الزوجان عن التواصل عاطفيًا، بينما لا يزالان يقيمان معًا في نفس المنزل.
بعد سنوات من الحياة المشتركة، يحل الجمود مكان الحب، وتختفي مشاعر العشق بينهما، ليصبحا في علاقة زوجية مبنية على التزام إجباري فقط. رغم بقائهما في علاقة قانونية، إلا أن تراجع التفاهم بينهما، وتزايد الملل، وغياب المصارحة، إضافة إلى تدهور التواصل وفقدان الحب والأمان والانسجام، يؤدي إلى نشوء حواجز عاطفية بينهما، مما يؤدي في النهاية إلى تدمير العلاقة تمامًا.
الفرق بين الانفصال العاطفي ما بين الرجال والنساء
تشير نادين السعدي إلى أن الانفصال بين الزوجين يعد من الفترات القاسية والمحزنة لكلا الطرفين. قد يشعر أحد الزوجين بالألم النفسي والضياع في مجالات الحياة بشكل أكبر من الآخر. وتوضح السعدي أن هناك العديد من الفروق التي تظهر بين الزوجين خلال هذه المرحلة، ومن أبرز هذه الفروق:
الانفصال العاطفي عند الرجال
يشعر الرجال غالبًا بالغضب والإحباط أكثر من النساء عند تجربة الانفصال العاطفي. يجدون صعوبة في طلب المساعدة، وهذا يعود إلى الوصمات الاجتماعية التي تربط التعبير عن المشاعر بالضعف، بالإضافة إلى الضغط المجتمعي ليظلوا “أقوياء” أو يتظاهروا بالقوة. ومع ذلك، يواجهون عدة مشاعر بعد فقدان الشريكة، ومنها:
- الحيرة المستمرة:يحاول الرجل إظهار أن الانفصال العاطفي لا يؤثر عليه، لكن في الواقع قد يشعر بفقدان عميق وحزن داخلي. حتى وإن لم يظهر هذا الحزن علنًا، يبقى في داخله مشاعر محبطة ومرتبكة بسبب الشعور بعدم وجود فرصة لإصلاح العلاقة.
- إنكار الانفصال العاطفي: قد يبدأ الرجل في إنكار حقيقة الانفصال، سواء كان هو من بادر به أم لا. يرفض تصديق أنه انفصل فعلاً عن شريكته، وكأن البعد والانفصال لم يحدث فعلاً.
- مرحلة الغضب: يميل الرجل عادةً إلى اللجوء إلى الغضب كوسيلة للتعبير عن مشاعر الألم والخيبة الناتجة عن الانفصال. يحاول في هذه المرحلة أن يجعل شريكته تدفع الثمن لما حدث، ولكن هذه الطريقة تكون سلبية وقد تكون مدمرة للعلاقة، لأنها قد تمنع أي محاولة للتفاوض أو لإيجاد حل سلمي وودي بين الطرفين.
- الاكتئاب: بعد مرحلة الغضب، يدخل الرجل في مرحلة اكتئاب، حيث يشعر بالحزن، والفراغ، والإحباط، وقد يصبح سريع الانفعال لأتفه الأسباب. في هذه الفترة، يدرك الرجل حجم خسارته، وقد يمر أياماً طويلة في حالة من اليأس والحزن الشديدين، تشبه الاكتئاب الخفيف.
- تقلب عاطفي: بعد الاكتئاب، يمر الرجل بتقلبات عاطفية شديدة، فيشعر بمشاعر متناقضة من الأمل واليأس في الوقت نفسه، ما يجعله في حالة من الارتباك العاطفي.
- الشعور بالذنب: غالباً ما يكون أحد الزوجين هو من يرغب في الانفصال أكثر من الآخر، مما يؤدي إلى أن الطرف الآخر يبدأ في لوم نفسه. يشعر بالذنب ويعتقد أنه ارتكب خطأ فادحاً، ويعيش في حالة من القلق والخجل بسبب الضرر الذي تسبب فيه. يدرك الرجل هذا الشعور بعد الانفصال، فيشعر أنه لم يبذل جهداً كافياً للحفاظ على العلاقة.
- محاولة استعادة العلاقة: يتغلب شعور الذنب على الرجل، فيبدأ في التفكير في استعادة علاقته بشريكته. قد يسعى إلى العودة عبر محاولات مختلفة، محاولاً إصلاح الأمور واستعادة الثقة المتبادلة. قد يقوم بملاحقة شريكته بطرق متعددة في سعيه لإنقاذ ما تبقى من العلاقة، آملاً في إعادة بناء الحياة التي كانت تجمعهما.
الانفصال العاطفي عند النساء
في حالة الانفصال العاطفي، تعاني المرأة عاطفياً أكثر من الرجل، حيث تشعر بمشاعر الخسارة العميقة التي تؤدي إلى الحزن والأسى وألم القلب. ومع ذلك، تحاول جاهدة تخطي هذه المرحلة بأي وسيلة ممكنة. قد تلجأ المرأة أحياناً إلى الإفراط في تناول الطعام كوسيلة للتخفيف من الضيق، مما يؤدي إلى زيادة وزنها بشكل ملحوظ. لكن على الرغم من ذلك، لا تتعرض لانهيار نفسي داخلي كما يحدث أحياناً للرجل.
عملية الشفاء لدى المرأة تتضمن انتقالاً تدريجياً عبر مراحل عاطفية متنوعة، مثل الإنكار، الغضب، الحزن، وأخيراً القبول بالواقع. ومع ذلك، تتميز النساء عن الرجال في قدرتهن على طلب الدعم العاطفي من الأصدقاء والعائلة، حيث أنهن عادة ما يمتلكن شبكات دعم اجتماعية أقوى، مما يسهل عليهن تجاوز الانفصال بشكل أسرع. فالنساء غالباً ما يلجأن إلى أصدقائهن وعائلاتهن ليشاركهن حزنهن، مما يساعدهن على تخطي المحنة بشكل أكثر سرعة وفعالية.
الانفصال أكثر صعوبة عند الرجال
تقول نادين السعدي إن العديد من الدراسات أظهرت أن الانفصال العاطفي يكون أكثر صعوبة بالنسبة للرجال مقارنة بالنساء. فالرجل غالباً ما يتأثر بشكل كبير عند إنهاء علاقاته مع من يحب، ويجد صعوبة أكبر في إنهاء علاقة مستقرة مع شريكته، وذلك بسبب اعتماده الكبير عليها لتلبية احتياجاته العاطفية. على الرغم من محاولاته للتظاهر بالعكس أمام الآخرين وإظهار أنه غير مبال بالانفصال، إلا أن مشاعره الداخلية تظل مرتبطة بها. هذا الانفصال قد يؤدي إلى تأثيرات على حياته العملية، وتظهر هذه المشاعر في مختلف جوانب حياته. وبالتالي، يشعر الرجل بأهمية الشريكة في حياته، مما يجعله أحياناً يعود إليها مجددًا.