كيف يتغلب الشباب المغتربون على تحديات الانتقال إلى بلد آخر؟
فبراير 19, 2025
كيف يتغلب الشباب المغتربون على تحديات الانتقال إلى بلد آخر؟
يؤثر التغيير بشكل كبير على الحالة الجسدية والنفسية والعقلية للفرد، ويختلف تقبل التغييرات من شخص لآخر. فبينما هناك من يتعامل معها بانفتاح ودون تردد، هناك آخرون يرفضونها تماماً ويقاومونها، لاسيما في مرحلة الشباب. تقول مدربة إدارة التغيير ضحى المدني، في حديث لها، إن الغالبية العظمى من الناس يمكنهم التغلب والتكيف مع التغييرات من خلال تبني بعض النصائح التي تساعد في ذلك، والتي يتم تطبيقها بعد تحديد التحديات التي يواجهها الشباب المغتربون.
جدول المحتويات
تحديات يواجهها الشباب عند الانتقال لبلد آخر
قد يميل كثيرٌ من الشباب إلى خوض تجربة استكمال التعليم في جامعات خارج بلدانهم، وتؤكد ضحى المدني أن هذه الخطوة يمكن أن تعزز الجوانب الإيجابية في شخصية الشباب، بشرط أن يكونوا قادرين على التكيف مع البيئة الجديدة. وتحددت المدني التحديات التي قد يواجهها الشباب عند الانتقال إلى بلد آخر، مؤكدةً أهمية التكيف مع العادات والثقافات المختلفة، بالإضافة إلى التعامل مع مشاعر الغربة والبعد عن الأسرة والأصدقاء.
افتقاد شبكة الدعم العائلية والاجتماعية
من أول التحديات التي يواجهها الطلاب المغتربون هو فقدان الأهل وشبكة الدعم التي كانوا يعتمدون عليها، ما يجعلهم مضطرين إلى بناء شبكة جديدة في بيئة مختلفة تماماً. يُعد هذا التغيير بمثابة فقدان مصغر للحياة السابقة، مما يستدعي قبول نمط حياة جديد ومختلف يتطلب التكيف مع العادات والأشخاص والظروف المحيطة.
يواجه الطلاب المغتربون تحديات كبيرة تتعلق بالمناخ، اللغة، العادات، والتقاليد والثقافة الجديدة، مما قد يؤدي إلى شعور بالغربة والانعزال. ومع غياب شبكة الدعم المعتادة، يصبح من الضروري توفير دعم معنوي ونفسي لمساعدتهم على التكيف مع هذه المتغيرات والتأقلم بشكل أفضل مع الحياة الجديدة.
اختلاف طرق الدراسة والتوقعات الأكاديمية
تعتبر اختلافات النظام التعليمي من أبرز التحديات التي يواجهها الطلاب المغتربون، حيث تختلف المتطلبات الأكاديمية وطرق التدريس والتقييم بشكل كبير عن تلك التي اعتادوا عليها في بلدهم الأصلي. وهذا يستدعي من الطلاب تطوير مهارات تكيف جديدة، مثل التكيف مع أساليب التعلم المختلفة، وإدارة الوقت بشكل فعال، والتمكن من الفهم الصحيح للمتطلبات الأكاديمية في البيئة التعليمية الجديدة.
مراحل التكيف مع التغيير
بحسب ضحى المدني، يمر الأفراد عند مواجهة التغيير بعدة مراحل نفسية تؤثر على طريقة تعاملهم مع الوضع الجديد. وتشمل هذه المراحل:
الصدمة: حيث يشعر الشخص بالدهشة وعدم التصديق، ويصعب عليه استيعاب التغيير.
الإنكار: في هذه المرحلة، يحاول الشخص تجنب تقبل الواقع الجديد، وقد يرفض الاعتراف بالتغيير.
الغضب والمساومة: يعبر الشخص في هذه المرحلة عن مشاعر الإحباط، وقد يسعى إلى العودة للوضع السابق أو التفاوض حول التغيير.
الاكتئاب: يشعر الشخص بالحزن الشديد والانعزال، حيث يواجه صعوبة في التكيف مع التغيير.
التقبل: أخيراً، يبدأ الشخص في التأقلم مع الوضع الجديد ويطور إستراتيجيات للتكيف والمضي قدماً.
التعامل مع التغيير بفعالية
ومن جانبها، حددت المدني مجموعة من النصائح التي من شأنها تسريع عملية التكيف مع الثقافة الجديدة، وتشمل:
المدربة ضحى المدني
التقبل بدلاً من المقاومة
يُعتبر التقبل من العوامل الأساسية لتحقيق التكيف الناجح مع التغيير، حيث إنه يساعد على تقليل مقاومة التغيير ويمنع الاستنزاف النفسي والعاطفي الذي قد يحدث بسبب الإنكار أو الرفض. عندما يتقبل الفرد التغيير، فإنه يصبح أكثر قدرة على التعامل مع التحديات بروح إيجابية، مما يعزز مرونته في مواجهة المواقف الجديدة. التقبل يُسهم في تقليل التوتر والقلق، ويُساعد الشخص على إيجاد حلول مناسبة للتحديات التي قد يواجهها، مما يسهم في تعزيز الصحة النفسية والشعور بالراحة.
التحدث مع شخص مقرب أو طلب المساعدة من مختص يمكن أن يكون له تأثير كبير في تخفيف الضغط النفسي، حيث يوفر ذلك الدعم العاطفي والتوجيه. بالإضافة إلى ذلك، يعد التواصل مع طلاب مغتربين آخرين وتبادل الخبرات أحد الوسائل الفعّالة للتكيف مع التحديات، حيث يمكن أن يشعر الجميع بالوحدة في البداية، ولكن تبادل القصص والتجارب يساهم في تقوية الروابط ويساعد على إيجاد حلول مشتركة للتحديات التي يواجهها الجميع. هذه الروابط الاجتماعية تساهم في تحسين الصحة النفسية وتسهيل التكيف مع البيئة الجديدة.
التعلم عن البيئة الجديدة
القراءة والتعرف على عادات وتقاليد البلد الجديد تعد من أهم الخطوات لتسهيل التكيف مع الحياة في بيئة جديدة. ففهم الثقافة المحلية يساعد في بناء علاقات اجتماعية أفضل ويقلل من الشعور بالغربة. تعلم اللغة المحلية يعزز القدرة على التواصل وفهم المحيط بشكل أعمق، مما يسهل التفاعل مع الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعرف على نظام المواصلات والأنظمة العامة يسهم في التكيف السريع مع الحياة اليومية ويعزز الشعور بالاستقلالية والثقة في البيئة الجديدة.
تعزيز نقاط القوة والتعامل مع نقاط الضعف
التعرف على نقاط القوة والعمل على تعزيزها يُعد من أساسيات التكيف الناجح في أي بيئة جديدة. فحين يعرف الفرد مهاراته وقدراته، يمكنه استثمارها بشكل أفضل ويشعر بمزيد من الثقة. من ناحية أخرى، فهم نقاط الضعف يساعد في تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، وبالتالي يصبح من السهل وضع استراتيجيات للتعامل معها. هذا التوازن بين تعزيز القوة ومواجهة الضعف يساهم في اتخاذ قرارات أكثر وضوحًا وثقة، مما يقلل من الشعور بالقلق والتوتر ويساعد على التكيف بشكل أكثر فعالية.
التوازن النفسي في مواجهة التغيير
تُؤكد المدني أن مشاعر الفقد والقلق والعزلة، وحتى الاكتئاب، هي مشاعر طبيعية يمر بها الكثيرون عند مواجهة تغييرات كبيرة في الحياة، مثل الانتقال إلى بلد جديد. هذه المشاعر ليست دليلاً على الفشل، بل هي جزء من العملية الطبيعية للتكيف مع البيئة الجديدة. من المهم التعامل مع هذه المشاعر بوعي وتفهم، بدلاً من محاولة إنكارها أو تجاهلها. كما يجب أن يتذكر الأفراد أن الحياة مليئة بتقلبات من الصعود والهبوط، وأن النجاح في التكيف مع المتغيرات يتطلب الصبر والمرونة.
الانتقال إلى بلد جديد قد يبدو تحديًا في البداية، ولكنه يمثل أيضًا فرصة للنمو والتطور الشخصي. من خلال التقبل، وطلب الدعم عند الحاجة، ومواصلة التعلم المستمر، يمكن للطلاب المغتربين التغلب على الصعوبات وتحقيق النجاح. الأهم هو أن يروا هذه التجربة كتحدي إيجابي يمكن أن يعزز حياتهم ويُسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.