الفكاهة في الحب.. حدود المرح وأثره على استقرار العلاقة الزوجية

يعتقد كثيرٌ من الأزواج أن الزواج يعني نهاية الحرية والمرح، وأنه علاقة جادة تتطلب الانشغال بالكفاح والسعي لتحقيق مستوى مادي واجتماعي مميز، مما يجعلهما يتخليان عن الكثير من المرح والفكاهة، ويحرمان نفسيهما من قضاء أوقات ممتعة معاً، سواء بممارسة أنشطة خاصة بهما أو ببساطة في التحدث والضحك دون أي نشاط محدد. ومع أن كثيرين قد لا يدركون ذلك، إلا أن هذا النهج غير صحي؛ فالرزانة الزائدة والجدية المستمرة قد تجعل العلاقة الزوجية مملة وساكنة، مما يؤدي إلى جمود العلاقة وفقدان حيويتها.
هذا لا يعود بالفائدة على العلاقة، بل قد يسبب مشاكل بين الزوجين. فالمرح والفكاهة في الحب بين الزوجين يمكن أن يجدد روح العلاقة. وفي هذا السياق، التقت “سيدتي” استشارية العلاقات الأسرية آمال إسماعيل، للحديث عن دور الفكاهة في الحب، وحدود المرح وتأثيره على استقرار العلاقة الزوجية.
جدول المحتويات
المرح يكسر روتين الحياة الزوجية

تقول استشارية العلاقات الأسرية آمال إسماعيل: “الحياة الزوجية بطبيعتها قد تصبح روتينية، وإذا ترك الزوجان نفسيهما يتبعان هذا النمط فقط، فإن لذلك تأثيراً بالغاً على سعادتهما ورفاهيتهما في المستقبل. لذا يجب على الزوجين تخصيص وقت لقضاء لحظات ممتعة معاً، سواء في ممارسة الأنشطة المشتركة، أو في تبادل الأحاديث الممتعة، أو حتى بممارسة الرياضة معاً. كل هذه الأمور تلعب دوراً كبيراً في تعزيز سعادتهما وتقوية الروابط بينهما، بعيداً عن ضغوط الحياة وأعبائها المستمرة”.
وتضيف آمال: “لا شك أن التواصل المرح بين الزوجين، الممزوج بالبشاشة وروح الدعابة، أو تبادل النكات والفكاهة، له فوائد نفسية واجتماعية عظيمة. فمشاركة الضحك واللحظات الممتعة تُعتبر إضافة مميزة لكل زوجين، إذ تخرجهما من ملل الحياة وتكرارها، وتضفي مساحات من المرونة والتقبل والتفاؤل، مما يعزز سعادتهما ويرسخ العلاقة بينهما”.
حدود المرح بالحياة الزوجية
تقول آمال بحسم: “المرح والفكاهة في الحب لا تعني السخرية أو الاستهزاء بالطرف الآخر، حتى في الأمور الصغيرة مثل نوعية الموسيقى المفضلة، أو طريقة ارتداء الملابس، أو حتى التفاعل مع مواقف معينة. يجب أن تكون الدعابة متوازنة ومقبولة، بحيث لا تخدش المشاعر أو تجرح العواطف، وإلا ستفقد معناها. بدلاً من أن تكون مصدراً للضحك والمرح والتفاؤل، يمكن أن تتحول إلى سبب للضيق والانزعاج، وقد تفتح باباً للمشاكل والخلافات، خصوصاً إذا كانت أمام الآخرين. لذا، من المهم أن يدرك كل طرف حدود الآخر في تقبل المزاح والمداعبة، وألا يتجاوزها، وألا يغامر بإثارة مشاعر الحزن أو الاستياء. الأمر فقط يتطلب بعض الانتباه. نحن لا ننكر أن الشخص المرح، الذي يتمتع بروح الدعابة، يسمح بتقديم لمسة إيجابية على السمات السلبية، فتضحك على شيء ما بدلاً من أن تبكي عليه. هذا الشخص هو الأقرب للقلب، بينما الشخص الجدي الذي يرتدي دائماً رداء الجدية والاتزان والانشغال؛ لا يجذب الآخرين ويكون عبئاً عليهم.
ولذلك، من الضروري أن يكون هناك توازن في كل شيء، واختيار الوقت المناسب للمرح. فإذا كان زوجك متوتراً، وانتقدته أو سخرت منه، ستثيرين جدالاً غير ضروري. أما إذا تناولت موضوعاً آخر بروح مرحة وخفيفة، يمكنكما الضحك معاً، مما يساعد على التخلص من التوتر والمشاحنة. وبذلك، ستكونان قادرين على التعامل ببساطة ومرونة مع الأمور الصعبة، مما يعزز رابطة الحب بينكما”.
كيف تكون شخصاً مرحاً بالحياة الزوجية؟

تقول آمال: “يحتاج الأزواج المشغولون إلى بذل جهد أكبر لتحديد ما يجعلهم سعداء بشكل دقيق. الأزواج الذين يمتلكون أهدافاً واضحة يركزون على تخصيص وقت للاستمتاع مع بعضهم حتى عندما تصبح الحياة مليئة بالمسؤوليات. الأزواج الذين يعانون من جفاف وملل الحياة المشتركة يمكنهم البدء بالحديث معاً وكتابة كل ما يجلب لهم السعادة في الحياة – سواء كانت أموراً كبيرة أو صغيرة. يمكنهم مشاركة الأحلام الفردية وأحلام الزواج والأسرة، وما يسعدهم وما يزعجهم، وكذلك الأشياء التي تجعلهم يضحكون ويمرحون. بهذه الطريقة يصبح كل طرف أكثر انفتاحاً على طلبات الآخر. إليك بعض الأفكار العملية للتواصل والمرح بطريقة بسيطة جداً:
- استقبال اليوم بابتسامة مشرقة عند الاستيقاظ، فبداية اليوم بابتسامة مرحة وقبلة لشريك الحياة تعني بداية يوم مشرق ومليء بالمرح. يمكن تبادل حكاية مسلية على الإفطار، مع تجنب الحكايات التي قد تؤدي إلى الخلافات أو الضيق.
- تخصيص بعض الدقائق في المساء بعد العودة من العمل للتحدث عن مواقف مرحة أو مضحكة حدثت أثناء اليوم.
- تخصيص جزء من يوم الإجازة للحكايات المرحة أو النكات، حتى وإن كانت قديمة، أو القيام بأنشطة مضحكة.
- إشراك الأصدقاء أو الأقارب أو الجيران في بعض الأنشطة المرحة.
- الاشتراك في مسابقات محلية ممتعة، حيث يسود الضحك والمرح طوال الوقت.
- الاستمتاع بمشاهدة فيلم كوميدي أو عرض مسرحي كوميدي في المساء أو خلال يوم الإجازة.
وفي الختام، تقول آمال: “الحياة تحتاج إلى التوازن، واختيار الوقت المناسب للمرح والفكاهة. الجدّية المفرطة مرفوضة، وكذلك المزاح المفرط الذي يتحول إلى سخرية أو إهانة. حتى وإن كان الهدف هو خلق جو لطيف، فإن المبالغة فيه لن تكون لطيفة أبداً”.